×

كتاب يرصد «معالم الإبداع والرؤيا في أشعار علي عبدالله خليفة».

من خلال كتاب «معالم الإبداع والرؤيا في أشعار علي عبدالله خليفة»، الصادر حديثًا عن «معهد الشارقة للتراث»، يقدم مجموعة من النقاد والأكاديميين البحرينيين والعرب قراءات نقدية ترتكن على التحليل، والتفسير، والتأويل لأشعار الشاعر البحريني خليفة، إلى جانب شهادات حول تجربته الشعرية وحياته الثقافية، في سعي منهم لـ«المزاوجة بين التنظير والإجراء»، عبر عدد من الدراسات النقدية والمقالات النقد نقدية التي أشرف على تحريرها في هذا الكتاب الدكتور عبدالستار الجامعي.

وينقسم الكتاب إلى قسمين، يقدم الأول قراءات متنوعة لأشعار خليفة «بهدف الكشف عن مناحي الجمال فيها، وذلك عبر إبراز المسالك والاستراتيجية الخطابية اللازمة والناجعة لولوج حنايا خطاب الشاعر المُنجز» ليُعنى بالبحث في بنية هذا الخطاب من خلال أشعار الشاعر العامية والفصحى. فيما تناول القسم الثاني نقد النقد عبر إبداء النقاد مواقفهم من بعض الدراسات التي تطرقت إلى أشعار خليفة، مفككين خطابها النقدي، ومنقبين عن مسالك ودقائق المعنى فيها، وراصدين ما قيل حول شعرية الشاعر وأعماله.

ويبدأ القسم الأول بقراءة للدكتور علي عمران بعنوان «حجاجية النص الشعري الحديث، (حورية العاشق) نموذجًا»، يطرح فيها حجاجية أشعار هذا الديوان، ويحاول دراسة المؤشرات اللغوية في تلك النصوص التي تحمل بنيتها وظائف حجاجية، عبر تطبيق نظرية (أوزفالد ديكرو وأنسكومبر).

فيما يقدم الدكتور راشد نجم، قراءة بعنوان «صورة النخلة في شعر علي عبدالله خليفة»، لتتبع هذا الكائن ودلالاته اللفظية والرمزية في شعر خليفة، من خلال دواوينه الشعرية، العامة والفصحى، «سعيًا وراء تكوين ملامح مختلفة لصورة النخلة في شعره».

أما الدكتور خليفة بن عربي فيقدم قراءة لـ«المكان وتمثيلات الذات» من خلال ديوان «لا يتشابه الشجر»، كاشفًا عن نضج التجربة التي استطاع الشاعر من خلالها «أن يجعل من المكان كونًا موازيًا لذاته، واستطاع أيضًا من خلال أدواته الشعرية أن يضع المتلقي في دائرة من التداخل الروحي والشعوري مع عناصر المكان».

من جانبها، تناولت الدكتورة انتصار البناء «الاتساع الفضائي وانفتاح العوالم المتداخلة» من خلال قراءة في ديوان «تهويدة لنجمة البحر»، متفحصة عوالم النص الواقعية والخيالية، إلى جانب حضور المقدس والأسطورة «التي عبّرت عنها سيميائيات الرموز الصوفية».

وكتب الدكتور فهد حسين دراسة بعنوان «البحر يُقبل صواري خليفة: اللغة تشكل رؤية الشاعر تجاه الزمان والمكان»، متناولةً حضور البحر في شعر الشاعر، وما أضحت عليه نصوصه التي تشكل «وثيقة إبداعية تميزت بمعطيين اثنين، هما المعطى الجمالي، والمعطى الدلالي القريب من ذهنية المتلقين»، مشيرًا إلى أن هذا التميّز نتيجة «الحوار المتبادل بين الشاعر وطبيعة البحر».

أما الدكتور صابر الحباشة، فقدم قراءة في قصيدة «ماء السراب وماء اليقين»، تحت عنوان «كسر أفق التوقع»، وقدم الشاعر علي الشرقاوي ورقة بعنوان «علي عبدالله خليفة... الشعر العامي من حوش البيت ودواعيس الفريج»، مؤكدًا على كون التجربة العامية للشعار من خلال الشعر الشعبي أو الموال البحريني «أعاد الروح للهجة العامية في جل ما كتبه من أشعار مقروءة ومغناة»، ليمر من خلال هذه الورقة على مختلف الدواوين الشعبية التي أصدرها الشاعر، وأبرز أشعاره المغناة من قبل الفنانين في البحرين والوطن العربي.

إلى ذلك، تضمن الكتاب قراءة في كتاب «البنى والرؤى» للدكتور عبدالرزاق قلسي تحت عنوان «في جماليات الكتابة الشعرية لدى الشاعر خليفة»، وقدم الطيب ولد العروسي «قراءة نقدية لأعمال الشاعر»، فيما قدمت الكاتبة عزيزة علي دراسة نقدية على دراسة الباحثة عائشة السياس حول «ظاهرة البحر» في شعر خليفة، وكتب الدكتور صايم سميرة المصدق والدكتور العروسي عن شاعرية الموال لدى خليفة. بالإضافة إلى مقال كتبه الدكتور الحاج دحمان، بعنوان «عندما يثير شعر خليفة اهتمام الباحثين في الشرق والغرب»، وهو قراءة في كتاب «البنى والرؤى». 

وإلى جانب الدراسات النقدية، ونقد النقد، احتوى الكتاب على شهادات لعدد من الكتاب والنقاد البحرينيين، إذ كتب الدكتور حسن مدن عن «وجوه علي خليفة المتعددة.. مفردته الشعرية نابعة من محلية ذات تنوع مديني»، متناولاً تنوع خليفة على المستوى الإبداعي والثقافي، فهو إلى جانب كونه شاعرًا، بحث في التراث الشعبي واهتم به، ونشط ثقافيًا على المستوى المحلي والخليجي، وأسس العديد من المراكز الثقافية، إذ يبين مدن «لا يمكن كتابة التاريخ الأدبي والثقافي خلال نصف القرن الماضي دون الوقوف عند الدور التأسيسي والريادي لعلي خليفة على أكثر من صعيد، فهو شريك في صنع المحطات الرئيسة في تطور هذه الحركة، وما زال يواصل عطاءه في مختلف المجالات».

من جانبه، كتب الدكتور علي جعفر العلاق في شهادة المعنونة بـ«حين تُحلق القصائد بيننا كالفراشات»، عن أمسية شعرية أقامها الشاعر في 2006، فيما كتب الدكتور علوي الهاشمي شهادة بعنوان «منذ سبعينيات القرن الماضي... ذاكرة مفتوحة على تاريخ الحركة الأدبية»، مستعرضًا فيها ذكرى البدايات مع ظهور أول مجموعة شعرية «اتسمت بالوعي الجديد والحداثة في إطار حركة الشعر الجديد في البحرين»، وهي مجموعة «أنين الصواري» للشاعر خليفة، والتي لحقتها مجموعة «البشارة» للشاعر قاسم حداد، وبعدها «من أين يجيء الحزن؟» لعلوي الهاشمي، مستعرضًا تلك الفترة ودور الشاعر خليفة المحوري فيها.

كما اشتمل الكتاب على شهادة للدكتورة لؤلؤة بنت خليفة آل خليفة، بعنوان «الروح الشاعرة.. تُصوّر وتبعث انتفاضة الحركة والحياة معًا»، متحدثة عن الشاعر الذي «يدخلك في عوالم من الدهشة والغرابة لا يحدها أفق، تسمع معه الحكاية وكأنها خيال، فالحقيقة التي عاشها أقرب للخيال، والحياة التي طحنته وطحنها كانت حافلة، فهي حياة مشبعة بالتجارب، ومعتقة بعطرها، فلم تكن حياة عادية».

جريدة الأيام البحرينية
شخصية أدبية