استطاع بيت الثقافة أن يخلق مالم يوجد على الساحة، وهو أن يجمع أربع جهات ثقافية مختلفة في فعالية واحدة ليكون بيتاً حقيقياً يضم مجموعة زائرين يقيموا بين أحضانه في ليالٍ مختلفة، احتفالاً باليوم العالمي للشعر، ابتداءً من ليلة الحادي والعشرين من مارس/آذار وحتى الثامن والعشرين من الشهر نفسه، بنادي مدينة عيسى.
انطلقت أولى الفعاليات باحتفاء بيت الثقافة بالشاعر البحريني قاسم حداد بمناسبة حصول تجربة «أيها الفحم يا سيدي» على جائزة أبي القاسم الشابي. وبدأت بكلمة البيت ألقاها الموسيقي محمد حداد الذي قال، إن الاحتفال يذهب إلى جميع الشعراء والغاوين معاً باختلاف أذواقهم تحت سقف واحد، للخروج بذائقة متعددة تتسع للجميع، ووجّه شكره للجهات التي شاركت البيت حلمه وهي: أسرة الأدباء والكتاب، ومبادرة «كلنا نقرأ»، ومبادرة «هارموني»، ومؤسسة مسعى للنشر والتوزيع.
ومهّد حداد للفعالية الأولى بقوله: «نبدأ أيامنا هذه بأكثر التجارب حميمية وهي الدخول إلى النص من جرحه، ثم تحريره من صوت كاتبه واقتراح أصوات أخرى تدخل إلى الجرح بثقة المحارب. فالحداد يعرف أسرار الفحم كما عرفها فان جوخ في المناجم أو على لوحات الرسم».
حداد: لطالما آمنت بتلاقح الفنون
أكد قاسم حداد في كلمته إيمانه بتداخل الفنون منذ زمن بعيد، ومن خلال مشواره في عدة فعاليات سابقة مع أصدقاء شعراء وكتاب وفنانين وموسيقيين، وصل آخرها إلى التجربة المشتركة بينه وبين قصيدتيه الأجمل: محمد حداد موسيقياً، وطفول حداد فوتوغرافية.
وعبّر حداد عن سعادته وهو يرى «أصدقاءه الشباب» يحتفون بتجربته ويصوغون تحية لكتابه أيها الفحم يا سيدي، ليضيفوا للتجربة مزيداً من الأجنحة، ثم شكر بيت الثقافة ونادي مدينة عيسى على هذه التجربة.
الأزرق يتكلم
الإضاءة زرقاء، الجو أزرق بمشاعر العرفان التي تتسع للسماء، والكلمات تخرج غيمات ماطرة. بعد تكريم قاسم حداد وكلمته، كان لابد وأن يكون للشعر مكان وهو عنوان الاحتفال.
قدّم الغاوون: ملاك لطيف، زينب مرضي، وهاشم العلوي قصائد قاسم كما يرونها، بأصواتهم وحضورهم ومشاعرهم، ومن خلفهم لوحات فنية كانت الملهم والدال والباعث على الحرف والشعور.
قرأ الثلاثة نصوص قاسم حداد كما أحبوها، ونقلوا للجمهور صوتاً آخر غير صوت حداد الذي سيقول ما كتب فيما قالوا هم ما قرأوا.
ولم يغفل المنظمون تلبية رغبة محبي صوت قاسم حداد؛ إذ ألقى هو الآخر نصاً كان شاهداً على المحبة والضوء.
للموسيقى حضورها
لا تكمل اللوحة إلا بالموسيقى والنغم، فالرسم كان حاضرا، والشعر كان سيداً، والموسيقى تختتم الليلة عن طريق مبادرة هارموني المنضوية تحت مظلة «تاء الشباب»، إذ قدمت مجموعة قصائد طالما أحببناها شعراً لتحيلها أغنية وموسيقى.
فالكمان، والكمنجة، والأورغ، والإيقاع، وصوت قادم من عمق الجمال، كلها شكلوا لوحة جديدة متميزة تضيف للأزرق حضوراً مختلفاً. لتنتهي الليلة الأولى مبشرة بجميل آخر قادم.
فعاليات مختلفة
كانت تلك فعالية الليلة الأولى التي نظمها بيت الثقافة احتفاءً بالشاعر قاسم حداد، تحت عنوان: «باب مفتوح على الأزرق» كانت في الشعر كما اللوحة: أزرقان، أزرق فنسنت، أزرق قاسم. لكن العرفان والحضور لا يتوقف عند المحلي المميز، إذ قدم البيت ليلته الثانية بشكل فيلم عن الحياة الاستثنائية للشاعر الياباني الأهم في القرن العشرين يوكيو ميشيما: mishima: a life in four chapters.
وفي الـ 23 من مارس قدمت أسرة الأدباء والكتاب أمسية شعرية بعنوان «شك لا ريب فيه» للشعراء: سوسن دهنيم، وضحى المسجن، خليفة العريفي، فواز الشروقي وعبدالله زهير.
وقدمت مجموعة كلنا نقرأ أمسية شعرية بعنوان «شجن الحروف» استضافت فيها الشاعرين السعوديين عبداللطيف يوسف ومصعب السحيباني في الرابع والعشرين.
ومن المقرر أن تقام اليوم (السبت) أمسية لفيلم عن تجربة شعرية لساعي بريد إيطالي مع الشاعر بابلو نيرودا بعنوان «postman». فيما يفترض أن تقدم في 26 من مارس أمسية «صوت المسافة» والتي سيقيمها بيت الثقافة بالتعاون مع دار مسعى للنشر والتوزيع عبر استضافة الشاعرين السعوديين، أحمد الصحيح الحاصل على المركز الأول في جائزة بيت الشعر للكتاب الأول، وإبراهيم حسن الحاصل على المركز الثاني.
ثم نعود للسينما مجدداً قبل ليلة الختام من خلال عرض فيلم Hamsun، وهو يحكي الأيام الأخيرة التي عاشها الروائي النرويجي كنوت. لتختتم فعاليتها بأمسية لبيت الثقافة تقدم من خلالها قصائد كتبت تأثرًا بأفلام المخرج الروسي أندريه تاركوفسكي تحت عنوان «تاركوفسكي ... صمت الشاعر» والتي تضم ثلاثة شعراء «عبدالله المحسن، ملاك لطيف وزينب مرضي» ومن إخراج الفنان خالد الرويعي.
يذكر، أن معرضاً لمسعى للنشر والتوزيع يصاحب الملتقى في لياليه كلها، يقدم من خلاله الإصدارات البحرينية فقط.
سوسن دهنيم.