في افتتاحية العدد الأول من مجلة "كلمات" التي كانت تصدرها أسرة الأدباء والكتاب ابتداءً من عام 1983م، كتب الناقد البحريني العربي الكبير الأستاذ الدكتور إبراهيم غلوم قائلاً: "جاءت (كلمات) في الوقت المناسب، معبأة بأحلامها المتواضعة، في واقع لا يأبه بالأحلام".
وكأنه يتحدث عن الأُسرة ذاتها، حينما جاءت في وقت ربما كانت تربي فيه أحلامها الصغيرة آنذاك، لكن تلك الأحلام الصغيرة قد كبرت، ونمت، وتفرعت آمالها لتصبح باسقة تظلل أرباب الكلمة، وتلم شعث الأدباء، وتضم بدفئها أحلامهم الصغيرة، على مختلِف أفكارهم ومشاربهم وتوجهاتهم، ولتكون منارة لقصاد الكلمة، ومتنفسا لإبداعاتهم.
أصبح هذا الصرح ملتقى مهما بين أجيال الأدب، الرواد والمعاصرين، وما بينهما، فحين تدلف في إحدى فعالياتها يفاجئك هذا التجايل المتلاحم بين تلك القامات، وتفاجئك أكثر تلك الحميمية بين الملامح المتوقدة، التي تشي بالوعي العميق بأهمية توارث الإبداع، وتتابع الأدوار، جيل يلقي بتجربته على أكتاف جيل آت، ينظر بشغف إلى من سيأتي بعده ليحمله ذات التجربة.
وعلى الرغم من العديد من المآزق التي مرت بها الأسرة، والتداعيات التي ألمت بها عبر سنواتها الخمسين، إلا أنها أثبتت أنها قادرة على أن تصمد، متترسة خلف أحلامها الصغيرة/الكبيرة، وسارت متحدية كل الظروف المضادة، وها هي اليوم تزهو بحلتها القشيبة وهي تبلغ يوبيلها الذهبي، وتزداد شبابا، وتواصل مسيرتها بكل ثبات واقتدار.
إن حضور الأسرة في الوقت الراهن – في تقديري – أكثر أهمية من أي وقت مضى، حيث تظل الرمز الأهم الذي تنبثق منه تصورات أدبية ونقدية رصينة، مبنية على تجارب رائدة، وممارسات عميقة تؤصل للكلمة، وتنَظر لأصالتها، وهي مهمة أيضا لإعطاء الكلمة مكانتها الحقيقة بها، وسط ذلك الفضاء المكتظ بأشكال الأدب والفنون، وهي مهمة كذلك في ظل واقع لا يزال لا يعبأ بالأحلام.