تنطوي زمنية الأيام بعد أن تفرغ حمولة ما تراكم في مفاصلها لتشكل علامات فارقة في صخب الحياة، ويقف الفعل الثقافي شامخاً يتصدر الحراك الثقافي في ديمومة تاريخية تكشف عن راهن يعتمد تحدي الكتابة الإبداعية في تناولها الهم الإنساني الذي عبر عنه شعار أسرة الأدباء والكتاب "الكلمة من أجل الإنسان".
تنهي أسرة الأدباء والكتاب دورتها الانتخابية الحالية وقد تكللت بالإنجازات الضافية على المشهد الثقافي في البحرين، فمن المعروف أن كل مؤسسة تقوم بعملية جرد لحساباتها ربحاً وخسارة، ولكنني أزعم أن جردنا لحساباتنا تختلف كلية عن تلك، فالفكر والثقافة لا تقاسان بمعايير الربح والخسارة، بل بمدى تأثيرهما في وعي الانسان وبناء الفكر، لذا فإن مجلس إدارة الأسرة قد عكف في دورته التي تنتهي هذا اليوم على تنفيذ العديد من الأنشطة الثقافية محليا والعديد من المشاركات الخارجية التي مثلت الوطن في الخارج.
فعلى الصعيد الداخلي فقد أنجزت الأسرة في دورتها الانتخابية الحالية العديد من الأمسيات الشعرية والندوات النقدية والثقافية، وقد كان لأدب الطفل والقصة القصيرة والترجمة مساحة واسعة أنجزها الشباب من خلال الملتقيات الأدبية المنبثقة من كيان الأسرة، وفي الوقت ذاته قامت الأسرة باستضافة العديد من الأدباء والروائيين العرب والخليجيين ممن أثروا المشهد الثقافي في البحرين، إذ شكل ذلك فعلاً ثقافياً متنوعاً، فكان عامل رفد وتلاقح بين الثقافات العربية والخليجية وذلك تحقيقاً للنهج الفكري الذي قام عليه تأسيس أسرة الأدباء والكتاب.
أما على صعيد الاستضافات الخارجية، فقـد استضافت أسرة الأدباء والكتاب العديد من المبدعين الروائيين والشعراء والنقاد، فمنهم الروائية السعودية زينب حفني في ندوة تحدثت فيها عن تجربتها الروائية، كمـا حل الناقد الأستاذ الدكتور معجب الزهراني مدير المعهد العربي في فرنسا ضيفاً على أسرة الأدباء، قدم فيها ندوة عن تجربته الإبداعية والنقدية استقطبت جمهوراً غفيراً، وكان للشاعرة السودانية روضة الحاج ذات الحضور المتألق في فضاء الشعر العربي مساحة في فعاليات الأسرة الثقافية.
وهكذا يستمر عطاء أسرة الأدباء والكتاب في تفعيل المشهد الثقافي لتحقيق مبدأ التوأمة بين الكيانات الأدبية في الخليج، وذلك بدعوة وفد الجمعية العمانية للكتاب والأدباء لإقامة أمسية شعرية ودعوة بعض الشعراء من دولة الكويت.
وتصـل أسرة الأدباء في سباق مارثوني لتخصيص الربع الأخير من دورتها للاحتفال باليوبيل الذهبي لتأسيسها بعقد العديد من الأمسيات الثقافية لتسليط الضوء على زمن وظروف التأسيس وعـرض الكثير من الوثائق الصوتية والصورية للجيل المؤسس ليتوج بحفلة كبيرة في الصالة الثقافية حضره جمع غفير من أعضاء وأصدقاء أسرة الكتاب، مما كان له الصدى الواسع في أوساط المثقفين والمبدعين لنصل إلى نهاية السبق بتجديد مقر الأسرة ليبدو بحلة جديدة تتناسب مع الجهد الثقافي الذي بذل بقيادة ربان سفينة أسرة الأدباء والكتاب بكل حكمة واتقان الشاعر إبراهيم بوهندي، وهنا يسدل الستار للفعاليات الثقافية لينفتح فضاء الشعر المتجدد بأمسية شعرية رافقت افتتاح المقر للشاعر الكبير والقامة الإبداعية على مستوى الوطن العربي الشاعر قاسم حداد، إذ شـرف مجلس إدارة أسرة الأدباء ومحبيه بحضوره المتألق.
هكذا كانت مسيرة الدورة الانتخابية التي تضمنت الكثير من الفعاليات التي لا تسمح المساحة الممنوحة لهذا العمود من ذكرها، وختاما ندعو صادقين جيل الشباب للإسهام في الحراك الإبداعي من أجل رفد هذا الكيان الأدبي الذي استمر خمسين عاماً ينافح عن الكلمة من أجل الإنسان.