في ليلة شتائية دافئة بمشاعر الحضور الذين توافدوا على جمعية تاريخ وآثار البحرين مساء الخميس 5 يناير الجاري ضمن موسمها الثقافي رقم 58، كل يحمل معه إحساسا من الحب ومكانة للمحاضر. كان الحضور جمعا من الفنانين والشخصيات المختلفة وممن يعشقون عبق الماضي ويحبون هذا الرجل. أما المحاضر فهو الشاعر والفنان والأديب المعروف الدكتور راشد نجم، وهو رجل غني عن التعريف ومتعدد النشاطات. فهو إلى جانب ذلك أستاذ جامعي وعمل مستشاراً ثقافياً بوزارة الثقافة وقبلها كان مستشاراً بمركز البحرين للدراسات والبحوث قبل أن يغلق هذا المركز، وحالياً هو الأمين العام لأسرة الأدباء والكتاب بالبحرين.
البدايات
نشأ نجم في بيت متواضع في فريق المري شمالي مدينة المحرق لأب كان يمتهن الغوص ولم ينل أي حظ من التعليم، فلم يكن يعرف القراءة ولا الكتابة، أما والدته فكانت هي نبع الحنان وحافظة جيدة للتراث وذاكرة قوية للفنون الشعبية وهي التي أشعلت الشرارة الأولى في التفاته إلى الفنون من خلال الأغاني التي كانت ترددها وهي تتحرك في البيت حيث كانت - رحمها الله - تتمتع بصوت جميل.
مراحل التعليم
مرت مراحل تعليمه بالكتّاب (المطوع) حيث تعلّم القرآن الكريم وتأثر به ثم المرحلة الابتدائية في المدرسة الشمالية مدرسة عمر بن الخطاب حالياً، ثم الهداية الخليفية للمرحلة الاعداية ثم المنامة الثانوية حيث التحق بالقسم التجاري نزولاً عند رغبة والده الذي كان يرى في هذا التخصص فرصاً أكبر للحصول على العمل والترقي، بينما كان المحاضر يعشق الأدب والفن. وعندما تخرج من القسم التجاري وعمل في وزارة التربية والتعليم استكمل تعليمه مرة أخرى في نفس المدرسة عن طريق الانتساب والدراسة مساء لمدة سنتين حصل بعدها على الشهادة الثانوية العامة – القسم الأدبي فأرضى بذلك طموحه.
ثم ترك العمل وسافر إلى بغداد لدراسة الأدب العربي في جامعتها وحالت الظروف دون استكمال ذلك حيث وصل إلى السنة الثالثة فعاد إلى العمل واستكمل دراسته حتى حصل على البكالوريوس من جامعة بيروت العربية عن طريق الانتساب عام 1973، ثم سافر إلى كندا – جامعة مكجيل- بمدينة مونتريال وحصل على درجة الماجستير في المكتبات والمعلومات عام 1987 ببعثة من مركز البحرين للدراسات والبحوث، كما حاز درجة الدكتوراه في إدارة الأعمال عن موضوع له علاقة بالثقافة ولم يسبقه إليه احد في منطقة الخليج وهو موضوع السياحة الثقافية وكيف يمكن توظيفها لتكون رافداً اقتصادياً ضمن اهتمام الدولة بصناعة السياحة
المشوار الفني
قسم نجم مشواره الفني إلى ثلاثة أقسام الأول متعلق بالأغنية والثاني بالمسرح والثالث بالفنون الشعبية، فذكر في القسم الأول أنه بدأ بالأغنية حيث كتب أغنية بعنوان “يا طير الحمام”. ثم تعاون مع شقيقه الفنان الدكتور مبارك نجم وكانت أغنية (جناح ورق) التي نجحت نجاحا كبيراً مما شجع باقي الفنانين الذين كانوا يؤدون أغنيات غيرهم في خوض هذه التجربة مع الأخوين نجم، فانضم إليهما كل من الفنانين جعفر حبيب، يوسف السندي، عبدالله بوقيس، جاسم الحربان، ارحمه الذوادي. ولم تكن تجربة نجم مع شقيقه مبارك فقط بل تعاون مع كل الفنانين فتغني بكلماته معظم فناني البحرين أمثال إبراهيم حبيب، احمد الجميري، محمد علي عبدالله، عبدالصمد أمين، أحمد الهرمي، محمد حسن، عبداللطيف حسن وغيرهم، ومن الكويت الفنان مصطفى أحمد ومن قطر الفنان المرحوم فرج عبدالكريم.
أما الاهتمام بالمسرح فقد بدأ كما قال الدكتور راشد في المرحلة الابتدائية حيث مثل أكثر من مسرحية أهمها الناصر صلاح الدين بمدرسة المحرق الشمالية، ثم تحدث عن تأسيس مسرح أوال عام 1970 باعتباره استجابة طبيعية لمتطلبات تلك المرحلة ولتزايد الاهتمام الثقافي حيث إن المسرح يشكل منبراً مهما للتنوير الثقافي، فاختير رئيسا لمجلس إدارته لمدة سبع سنوات متتالية، كما شارك بالتمثيل في بدايات عروض المسرح في مسرحيتي “كرسي عتيق” عام 1971 ومسرحية “السالفه وما فيها” عام 1972 وكلاهما من تأليف وإخراج محمد عواد، وقد قدم مسرح أوال خلال فترة رئاسته العديد من الأعمال المسرحية الناجحة ومثل البحرين في مهرجان دمشق المسرحي وقد عروضه في الكويت مرتين
أما بالنسبة لاهتمامه بالفنون الشعبية فقد كان تأسيس جمعية البحرين للموسيقى والفنون الشعبية 1972 تجسيدا لطموح في خلق مؤسسة أهلية تهتم بالفنان البحريني وتدافع عن حقوقه وتحفظ للفنون الموسيقية والشعبية مكانتها وبدأت الجمعية بشكل جيد لكن لم توفق في تحقيق أهدافها بالشكل المطلوب وتعثرت مسيرتها
المشوار الثقافي
كان من خلال ما ينشره من أشعار وكتابات ونقد في الصحف المحلية مثل الأضواء، هنا البحرين، المجتمع الجديد، المسيرة وغيرها من الصحف، كما ساهم في تأسيس أسرة الأدباء والكتاب عام 1969 ومشاركته في مجلس إدارتها ومعظم نشاطاتها، وكذلك الحال عند مشاركته في تأسيس مركز عبدالرحمن كانو الثقافي (الملتقى الثقافي سابقا) عام 1995 حيث كان في منصب الأمين العام حتى انشغل بدراسة الدكتوراه، ومشاركته في تأسيس جمعية المكتبات البحرينية عام 1994 وتوليه منصب نائب رئيس الجمعية لعدة سنوات، ثم أخيراً مشاركته في تأسيس منتدى المستقبل الثقافي عام 2004 ليكمل مسيرته الثقافية به
كما قدم العديد من البرامج الناجحة من خلال الإذاعة والتلفزيون التي لفتت إليه الأنظار كواحد من مثقفي البحرين الذين يمتلكون مقدرة متميزة على المحاورة مع كافة الشرائح المجتمعية من رجال أعمال وفنانين وأدباء وكتاب على مستوى البحرين والخليج العربي، وعرض لبعض مؤلفاته ودراسته وهي كثيرة وفي مجالات مختلفة.
نال نجم وسام الكفاءة من جلالة الملك حمد عام 2002 وكرم من قبل سمو رئيس الوزراء كرائد من رواد المحرق عام 2000 وحاز العديد من الجوائز وشهادات التكريم من مؤسسات رسمية وأهلية.