نشرت جريدة الأضواء في عددها الصادر في يوم الخميس 5 سبتمبر 1968م مقالة في غاية الأهمية للصحافي محمد الماجد بعنوان “أدبنا موجود ولكن في أدراج مكاتبنا”، والتي كانت من بين الأسباب التي أدت إلى تأسيس أسرة الأدباء والكتاب في البحرين.
غطت هذه المقالة الزيارة التي قام بها إلى مملكة البحرين أديبان من الكويت وهما سليمان الشطي، وطارق عبدالله، وذلك في شهر أغسطس من العام 1968م.
اجتمع الأديبان الكويتيان في 2 أغسطس 1968م بنادي الخريجين ببعض أدباء البحرين، وكان من بينهم: علي سيار، حسين الصباغ، علي عبدالله خليفة، حمدة خميس، خليفة العريفي، ومحمد الماجد. ودار الحديث حول ما تشهده دولة الكويت من نهضة ثقافية وأدبية وفنية. غير أن سليمان الشطي قال: لقد جئنا نسألكم لا لتسألونا، وكان محقًا في ذلك كما جاء في مقالة الأستاذ محمد الماجد، فانصب الحديث حول الحركة الأدبية في البحرين.
تكلم الأستاذ علي سيار حول واقع الحركة الأدبية في البحرين، واستطاع أن يحدد أبعاد أزمة هذه الحركة. وجاء في المقالة أن “الأضواء” و “هنا البحرين” لا تكفيان أبدًا لاستيعاب نتاج الأدباء الشباب، كما أن “هنا البحرين” مجلة رسمية أكثر منها مجلة أدبية.
تحدث محمد الماجد في مقالته قائلًا: قالوا لنا أين أدبكم؟ أجبنا: موجود في أدراج مكاتبنا. وقال: من المسؤول عن هذا الضياع؟ لماذا يتحتم علينا أن نكتب ولا ننشر؟ ولماذا يتحتم على قاسم حداد وعلي عبدالله خليفة وحمدة خميس، وعبدالرحمن رفيع أن تكون قصائدهم مركونة في أدراج مكاتبهم تحت رحمة الغبار؟ ولماذا يتحتم على أديب ناشئ مثل منصور أحمد هاشم أن يكتب بحثًا فريدًا عن الزواج في البحرين منذ خمسين عامًا ولا يجد المجال لنشره حتى في مجلة “هنا البحرين”؟
وكيف يمكن أن يطور قاصًا مثل محمد عبدالملك، وخليفة العريفي، وخلف أحمد خلف وهو لا يستطيع أن يوصل أفكاره وفنه للناس؟
وكيف تستطيع أن تستفيد من ناقد أدبي مثل حسين الصباغ، أو محمد جابر الأنصاري وهما لا يجدان نتاج الأدباء من ناحية، ولا يجدان المجال الواسع للنشر من ناحية أخرى؟
واستطرد الصحافي محمد الماجد في مقالته بعد طرحه تلك الأسئلة قائلًا: عندنا أدباء نعم.. ولكن هل عندنا أدب؟ الجواب: لا! وتفسير كلمة لا سهل جدًا، خاصةً إذا علمنا أنها لا تعني النفي المطلق، ذلك أن القصائد والقصص والبحوث والمقالات الضائعة في أدراج المكاتب لا يمكن أن تسمى أدبًا ما لم ينشر كل ذلك، ويوضع على المحك بحيث لا يبقى أمامه إلا السقوط حين يكون زائفًا، والارتفاع حين يكون أصيلًا.
أنهى مقالته المتميزة بتقديم اقتراح في غاية الأهمية، وهو السعي إلى تأسيس رابطة تلم شمل الأدباء والكتاب، وتتيح لهم دراسة مشكلاتهم، والحكومة لن تخسر شيئًا حين تسمح بوجود مثل هذه الرابطة، بل العكس هو الصحيح. وسيكون لمثل هذه الرابطة دور فاعل في خدمة قضايا البلاد الاجتماعية والأدبية.
وقال في جانب آخر: إذا وجدت مثل هذه الرابطة في البحرين فلن يكون من الصعب فيما بعد نشر نتاج الأدباء وتشجيع الناشئين منهم؛ ذلك أن تكتل هؤلاء الأدباء في مثل هذه الرابطة سيحفزهم للعمل بصورة أو بأخرى، وسيفتح أمامهم أكثر من مجال لإثبات وجودهم الأدبي.
كان لمقالة الأستاذ محمد الماجد دورها الفاعل في تحمس مجموعة من الشباب المثقف والواعي آنذاك في العمل على تأسيس “أسرة الأدباء والكتاب في البحرين”، فقد تأسست “أسرة الأدباء والكتاب” في العام 1969م على يد مجموعة من الأدباء والمثقفين وهم: الدكتور محمد جابر الأنصاري، حسين راشد الصباغ، منيرة فارس آل خليفة، علي عبدالله خليفة، محمد الماجد، يوسف حسن، راشد نجم، محمد عبدالملك، خميس القلاف، خلف أحمد خلف، علوي الهاشمي، قاسم حداد، وحمدة خميس.
واختار الجميع الدكتور محمد جابر الأنصاري أول رئيس لأسرة الأدباء والكتاب في البحرين، الذي كان له دوره الكبير في الدفع بأسرة الأدباء والكتاب إلى التركيز على تشجيع النتاج الفكري المحلي الجيد والتشجيع على حضور المؤتمرات التي تعنى بالفكر والأدب والثقافة، التي تنظم في بعض العواصم العربية.
وحري بالذكر أن أسرة الأدباء والكتاب في البحرين التي يرأسها حاليًا الدكتور راشد نجم أحد المؤسسين، ما زالت كما كانت تلعب دور فاعل في تنظيم الندوات الثقافية على اختلافها، كما تساهم في تشجيع الكتّاب، وبصورة خاصة من الواعدين الشباب من خلال احتضان حفل تدشين نتاجهم الفكري.