اختتمت أسرة الأدباء والكتاب برنامجها الثقافي للفترة من يناير – يونيو 2017 بإقامة ندوة "الشعر والفن" التي قدمها الدكتور والباحث عيسى أمين رئيس جمعية تاريخ وآثار البحرين في الثامنة والنصف من مساء الأحد الماضي بمقر الأسرة وأدار الندوة الأستاذ الشاعر إبراهيم بو هندي رئيس أسرة الأدباء والكتاب، وفن المنمنمات بما فيه من قيمة إنسانية وفنية وأدبية ولغة شعرية وبعد تاريخي ، إضافة إلى ما يكتنزه هذا الفن من مخزون فكري وعلمي ووجداني كان حاضرا من خلال هذه الندوة، ويبقى فن المنمنمات حالة فنية خاصة وروح إبداعية تتجلى فيها المشاعر الإنسانية وتتداخل فيها مجموعة من القيم والفعل الدرامي التي تنتجها بالصورة والألوان وبالحركة التي تمثل الواقع الذي يراد منها حتى وإن اختلف الشأن العام الجامع للبشرية أو إن تعددت التخصصات وتنوعت في مضامينها.
ففي فن المنمنمات تختلط المشاعر والأحاسيس تماما كما يختلط الشعر مع الخط والفن والورق في آن واحد لإنتاج لوحة ذات أبعاد إنسانية وتاريخية وفنية وأدبية، ومن هنا يتسنى لنا كمتلقين للوحة المنمنمات بلوغ حالة الإعجاب وتخطي الواقع العام والارتقاء فوق الشعور الإنساني القائم على التمييز العرقي والمذهبي، هكذا يعالج الطبيب عيسى قاسم الشعر والفن داخل المنمنمات ويؤكد خلال حديثه القيم على أن المتلقي يصبح فيها أكثر إنسانية وأكثر فهما لتراث الإنسان، فالمنمنمات عمل فني ناتج عن الشعور الذي يتملك الشعراء والشخصيات المتخصصة في قطع الورق والتلوين ووضع البرواز وخط الحروف واختيار الموضوع الخاص بها وبما فيها من أبعاد ثلاثة هي بعد فني وتاريخي وآخر أدبي.
وسلط الدكتور عيسى أمين الضوء حول بداية اكتشاف المنمنمات قائلا: اكتشفت هذه المنمنمات إلى العالم واشتهرت حين زار الأمير صدر الدين آغا خان منزل والديه ووجد الأعمال الكلاسيكية لحافظ الشيرازي، مولانا جلال الدين الرومي، الفردوسي، باب طاهر، عمر الخيام، أبو المغيثة الحلاج وناصر خسرو، وكان هناك الكثير من المصاحف المملوكية ورسوم المنمنمات التي تعتبر في مجموعها عرضا للحظات هامة في تاريخ إيران، تركيا والهند، حيث كانت البداية هي القرن الرابع عشر وبداية القرن الخامس عشر حين تحولت السلطة في إيران إلى التيموريين (فترة تيمور لنك).
وتابع قائلا: وابتدأ مع هذا الانتقال نشاط فني تحت رعاية البلاط الحكام من أجل انتاج كتب مصورة للأمراء وأبنائهم، بعدها أسست مدارس لهذا الفن في النصف الثاني من القرن الخامس عشر في المناطق العربية من إيران وذلك في بلاط الحكام التركمان مع التيموريين إلى أن شهدت إيران تحولات سياسية بقيام الدولة الصفوية، وتحولت صناعة المنمنمات إلى رسوم فنية تعكس الحالة اليومية أو الشخصيات المهمة استجابة للذوق الإنجليزي وليكون هذا التحول موازيا لهذا العمل الفني كان هناك الشعراء الذين كانت لهم الشهرة والتي لم تكن أقل من مستوى أصحاب الفن في بلاط الملوك والأمراء، هم جزء رئيس بل هم الموضوع لكل رسم وفن سواء كان تاريخي، سياسي، اجتماعي أو حتى في الحب والعشق.
وقدم أمين استعراضا واسعا للمنمنمات اختارها من الحضارات العالمية ومنها التيمورية، الصفوية، الهندية ومن تركيا والفن الواسطي وربط فيها بين كل المناطق، وجاءت هذه الإطلالة والبحث الموسع بعد قراءة عميقة في منمنمات كتاب حافظ الشيرازي، ديوان الفردوسي، كليات سعدي وشعر عمر الخيام، واعتمد الدكتور عيسى أمين في بحثه وطرحه التاريخي على ثلاثة أبعاد وهي البعد الفني، البعد الأدبي والبعد التاريخي ليصل بالحضور الذي تفاعل مع الندوة إلى حد كبير بالمداخلات والأسئلة بمادة قيمة في فن المنمنمات ذات القيمة الإنسانية والتاريخية العميقة.