×

أسرة الأدباء تكرم عبدالقادر والسندي وتحتفي بأندريا والسعدون.

أحتفلت أسر الأدباء والكتاب بيوم الشعر العالمي من كل عام على طريقتها الخاصة، فقد دأبت في كل عام على إقامة مهرجان تستضيف فيه مجموعة من الشعراء من خارج المملكة، بالإضافة إلى تكريمها لشعراء ومبدعين بحرينيين من الرواد اعترافا بجهدهم، وتقديرا لمنجزاتهم الإبداعية، وفي هذا العام تستضيف الأسرة الشاعرة الكولومبية أندريا كوني والشاعر والمترجم العراقي المقيم في أسبانيا هادي السعدون، وتكرم الشاعرة فوزية السندي والقاص عبدالقادر عقيل.

وقد ابتدأت الأسرة أولى فعالياتها إيذانا بانطلاق نسخة هذا العام لمهرجان يوم الشعر العالمي بحرينيا بمؤتمر صحافي أقامته الأسرة بمقرها احتفاء بضيوفها الشاعر هادي السعدون والشاعرة أندريا كوني.

ومن جانبه تحدّث السعدون لـ «الوسط» بعد المؤتمر فأشار إلى مدى الترابط بين الأدب العربي والأدب الأسباني فهناك الكثير من المفردات والعبارات ذات الصبغة الشرقية، ما يؤكد على جسور التواصل بين الثقافات وامتداداتها التاريخية.

وأشار السعدون إلى تألق الأدب الأسباني في القرن العشرين الذي ابتدأت شرارته مع نهاية القرن التاسع عشر وانتقال أسبانيا من مرحلة كونها إمبراطورية لها ما لها إلى فترة الانحطاط ثم إلى مرحلة الصعود في الثقافة والفكر الأسباني عبر أسئلة أساسية شغلت الإنسان الأسباني حينها من قبيل - من أنا؟ وماذا أريد؟ مشيرا إلى أن هذه الأسئلة ومحاولة الإجابة عليها أثّر كثيرا في التحولات الفكرية والثقافية فكانت هناك أجيال شعرية متعاقبة يمكن رصدها، ثم أشار إلى ارتباط الأدب بالتحولات السياسية منذ كون أسبانيا إمبراطورية حتى حصول الحرب الأسبانية 1934 ودخول أسبانيا الحرب الأهلية التي أدّت بها إلى الدكتاتورية، ما أنتج ضعف التواصل مع أوروبا في المجالات الثقافية والأدبية، ثم الانفتاح الكبير للآداب الأسبانية مع نهاية الحقبة الدكتاتورية وموت الجنرال فرانسيسكو فرانكو، ودخول أسبانيا مرحلة الديمقراطية مما أتاح لها التواصل مع آداب أوروبا والعالم بحيث من الممكن الإشارة إلى أدب أسباني ناجز.

وأشار مترجما لما صرحت به الشاعرة الكولومبية أندريا كوني إذ تحدثت عن خصوصية الأدب الكولومبي وما فيه من مزيج نابع من ثقافات مختلفة وأعراق متشابكة وأديان وجنسيات متعددة مما منحه تنوعا ملحوظا، وأتاح له فرصة كبيرة للخروج من المحلية إلى العالمية، وذلك عن طريق السرد الساحر في الرواية وخصوصا اللمسة الفنية للروائي جابرييل جارسيا ماركيز المؤثرة في الجيل الجديد من المبدعين.

وعن استضافتها في البحرين أشارت أندريا إلى أنها دائما تفضل معرفة الآخر عن طريق السفر والمشاهدة والمعاينة المباشرة عبر الزيارات الملتقيات والمعايشة اليومية عن قرب وليس عن طريق القراءة فقط، وقد عبّرت عن مدى سرورها بتواجدها في البحرين وتعرفها على الشعراء والأدباء البحرينيين والاحتفاء بها في مهرجان يوم الشعر من قبل أسرة الأدباء والكتاب.

وتحدثت أندريا عن الشعر الكولومبي مشيرة إلى أن أهم ما يتسم به هو البحث في تفاصيل التجربة اليومية للكائن والتقاط اللحظات الحاضرة دون الانشغال بالماضي.

وتواصلت فعاليات المهرجان بالأمسية الافتتاحية المخصصة لتكريم القاص عبدالقادر عقيل والشاعرة فوزية السندي إذ ابتدأ الحفل بكلمة أشاد فيها رئيس أسرة الأدباء والكتاب بدور المبدعبن في إذكاء جذوة الإبداع ودورهم الأساسي في «خلق الثقافة، وثقافة الخلق» داعيا إياهم من خلال هذا التكريم إلى مواصلة مسيرتهم الراسخة في إثراء الحركة الأدبية، كما قدّم شكره لوزيرة الثقافة والإعلام الشيخة مي بنت محمد على رعايتها ودعمها للمهرجان والأسرة.

بعده ألقت الشاعرة أندريا كوني حزمة من قصائدها ثم أعقبها الشاعر عبدالهادي السعدون مترجما وملقيا قصائده هو الآخر بعدهما ألقى الشاعر أحمد العجمي أحرفا من ديوانه على حافة الفم. ثم قدم كل من المكرمين في الحفل شهادتهما الإبداعية إذ تحدث عبدالقادر عقيل شاكرا الأسرة على هذه الالتفاتة الكريمة وابتدأ يسرد شهادته الإبداعية متسائلا «ماذا يمكن أن أقول؟ لا أعرف حقا ماذا يمكن أن أقول... فمنذ العام 1972 وأنا أكتب وإلى الآن أعرف إلى أين وصلت، وماذا حققت، وماذا أنجزت... أعرف أن الكتابة عمل شاق، ومغامرة جسورة، أشبه بالدخول إلى نفق طويل، مظلم، لا نهاية له. الكتابة سفر إلى أغوار النفس البشرية للوصول إلى عتمة القاع.

وأضاف عقيل «أعرف أنني أكتب عن نفسي، عن ذاتي، عن أزمتي مع نفسي، ومع محيطي، ومع العالم الذي أعيش فيه، ومع الكون الذي لا أفهمه». وتابع« بالكتابة أحاول أن أفهم نفسي وأفهم العالم وأفك طلاسمه فأجد نفسي أطرح أسئلة تخلق أسئلة أخرى. وجدت أن أفضل السبل إلى تفسير رعب الوجود هو في السفر عبر عوالم الأحلام والطفولة والصوفية والفانتازيا والنصوص التراثية والحكايات الشعبية، وليس عبر الواقع الاستنساخي التبسيطي، وجدت في العوالم البديلة وسيلة لمحو المسافات الفاصلة بين الواقعي واللاواقعي، بين الحياة الشعورية واللاشعورية... بين العالم الأسطوري الموازي للعالم الواقعي... وهكذا تحوّلت كتاباتي إلى ما يشبه الكوابيس أو حالات الهذيان، حيث تنطلق كل الملكات المقيدة في اللاشعور، وتجعل أبطال القصص يقتربون من المدهش والمستتر».

وأضاف عقيل «أشعر بأنني إلى الآن طفل لا يعرف كيف يكبر، أو لا يريد أن يكبر، ومعظم ما كتبته هو نتاج السنوات العشر الأولى من طفولتي».

وعن دور الكتابة في حياته أضاف عقيل «أجمل ما في الكتابة أنها علمتني أن أكون إنسانا، أن أحب وطني، أحب ناس بلدي، أحب زوجتي وأطفالي وأصدقائي، وأحب دوري في الحياة. الكتابة علمتني أن أعطي دون أن أنتظر مجدا أو ثوابا من أحد، كالنهر الذي يضيع في المحيط، الكتابة علمتني أن أكون خادم القوم ولا أكون سيدا على أحد».

ومن جانبها قدمت الشاعرة فوزية السندي شهادتها الإبداعية عبر قصيدة تطوف فيها على مراجيع سيرة ذاتية يكتبها الشعر «أسيجة تنحز ليل الذاكرة، عصي على طفلة لم تحب بعد، أن تصطك بهياكل خرساء تتصل بأضداد لا تعرفها، أن تجابه جبروتا يسند سادة من مخمل الكراسي، أن تساق بسياط خانعة تتوهم تدريس ما مضى، أن تشهد خرائب تتماهى بخرائب تستولي، أن تصغي لهتافات تتعالى أمام أنقاض تتهاوى... أحيا مؤجلة في عالم أصم كل ما يرتد فيه صراحة الصوت، للطفولة حنكة مريرة، ما أن تنفست نهايات الحروف، حتى تمرنت على فعل الدفاع الأليف، تسريح رنين الصرخة الأولى.

ما إن احتفرت أول حرف على هواء ليل حليم، حتى توجعت بما يكفي، لأنتحر ببطء غريب، عليم بحال طفلة لم تمس غير بدء الحبر... بل لم تستكن لمرارة لم تبدأ بعد.

صبية ما إن تقتنص غوائل الكتابة حتى تضلل الغواية ذاتها منتشاة بحرفة تصقل الرعد، لتجتبي آخر السحب، تعول على اغتيال مؤجل، للطفولة معلم وحيد، لا يعرفها ولا تجهله لكنهما يشتغلان معا، بتكالب لا ينفك كما الأسر تواطؤ مهيب، كل ليلة، ما إن أشرع في تلقين الورق غمرات هلعي حتى تتأسى لي، شراهة آهات ساهرة تكتويني كما الكنز.

لم أختر مشيئة التخلق، أنثى، هكذا هتفوا حين ترنحت: من رحم أملس ظليم، حليم، رطب، وفير بحب أشقاني، ارتطمت نحو ضوء فاضح اهتلت من عنف هذا البياض من جفاف أقمطة بيضاء أيضا، ليبدو قدري مشدودا لشرك هذا البياض. تداعيت - أنثى- لأرمم صرخة عمياء صدعت حنجرتي الصغيرة منذ آنذاك حتى الآن... لم اختر أن أتخلق أنثى ولا أن أسمى فوز، بل ناوأت انزلاقي الأول والأخير، نحو هاوية عمياء تدعى الحياة قاومت أقداري الثكلى. وقد تواصلت فعاليات المهرجان بعد انطلاقها من مقر الأسرة لتحط في جمعية المنبر التقدمي حيث شارك الضيفان الكريمان أندريار والسعدون مع الشاعر كريم رضي والشاعر مهدي سلمان في إحياء أمسية أخرى، ثم حطت رحال الشعر في الصخير ليشارك الضيفان الكريمان ومعهما الشاعرة فاطمة محسن والشاعر أحمد الستراوي في أصبوحة شعرية بجامعة البحرين، ومنها إلى مقهى جواد بالبديع بمشاركة الشاعرة ليلى السيد والشاعرة وضحى المسجن، واختتم المهرجان فعالياته بأمسية المتقى الثقافي الأهلي بمشاركة الشاعرة سوسن دهنيم والشاعر أحمد رضي.
شخصية أدبية