أقام نادي السرد في أسرة الأدباء والكتاب يوم الأربعاء (8 مارس/ آذار 2017)، لقاءً حواريًا مع ثلاثة روائيين بحرينيين هم: أيمن جعفر، حسين عبدعلي، وجليلة السيد، تناولوا فيه تجاربهم في مجال الكتابة. وقد أدار اللقاء الكاتب رسول درويش.
وتناول المحور الأول سؤالًا حول من يكتب الرواية، فهل هو الروائي بذاته أم أن أحداث الرواية تفرض نفسها على الكاتب.
الحوار كان بمثابة استدراج لاستعراض تجربة كل منهم، في الوقت الذي شارك مدير الحوار في ذلك الاستعراض، لذا نحن أمام استعراض تجربة أربعة روائيين واقعاً.
ومن جانبها، قالت مؤلفة رواية «أنا لست لي»، جليلة السيد، إنها كانت تحمل جرحًا كبيرًا وعليها أن تتصافى معه، فجاءت تجربتها الأولى والتي تمثل ولادة من عمق الجرح والألم، وفيها وجع وحزنٌ، أثمر عنهما ولادة عملها البكر.
أما الروائي حسين عبدعلي، فقد أكد أنه من يكتب النص بذاته، ولا تفرض أحداث العمل نفسها عليه، فهي جملة بلاغية ليس لها حضور، ولكنه يستدرك أن فكرة الكتابة تأتي بعد وجود سؤال يزعجه ويقلقه، ولذلك ولدت رواية «متاهة زهرة».
وفي السياق ذاته، قال الكاتب أيمن جعفر إن كثيرًا من الأحداث تفرض نفسها عليه، فيمهد لها، ويحضّر لها قبل أن يشرع في كتابتها.
وفي سياق مختلف، تطرق المحاور رسول درويش إلى أهداف الكتابة الروائية، فأبرز أيمن جعفر فكرته قائلًا: «إن أكبر خطأ هو تحديد هدف من البداية. لا أميل إلى الافكار الكبرى التي تغير العالم، نحن نميل للتصالح مع الذات والواقع لنكون أشخاصاً أفضل، ففي كتبي الثلاثة كانت هناك كتابة بلا هدف تحاول أن توصل قيمة الحقيقة بلا وهم أو إيهام، وفي كتابي الثاني قرأت عن ابن عربي وكانت الفكرة التي تشغلني هي ماذا لو تخيلنا العالم على شكل حروف؟ أنا لا أرسم هدفًا كبيرًا نحو تغيير العالم».
عبدعلي: اكتشاف الذوات
من جانبها، قالت جليلة السيد: «إن نجاح أي عمل أدبي ليس في إيصال الرسالة وإنما الوصول إلى أكبر عدد ممكن من القراء. إن منجزي الأول «أنا لست لي» وصل الى أكبر شريحة من القراء، وهذا كان هدفي من وراء العمل».
من ناحيته، قال عبدعلي: «إن تغيير العالم فكرة ماركسية والعالم في انحدار، الكتابة هي اكتشاف الذوات قبل الآخرين وأن يضع اكتشاف نفسه قبل الآخرين. الأدب ليس لتحسين العالم فالعالم مأخوذ بالسوق، وإنني ككاتب ومشتغل بالفن أضع عدة اسئلة بحيث يكون القارئ مرتبكاً ويعيد صياغة نفسه».
وفي محور آخر، تساءل الكاتب درويش عمّا ذكره ماريو بارغاس، حيث قال إن الكتابة الروائية تشبه الممثلة التي تخلع ملابسها قطعة تلو الأخرى على خشبة المسرح، فيما ينتظر الجمهور النهاية... وبكلمات أخرى فإن الكتابة تشبه النبش في التجربة الحياتية الخاصة للكاتب... وتساءل عن مدى صدقية هذه المقولة على تجارب الكتّاب الشخصية؟
إلى ذلك، أوضح جعفر، أن المد الروائي مدٌ عالمي، نحن في زمن الرواية وتداخل الاجناس الادبية، وأنا أكثر تأثرًا بأدب أميركا الجنوبية والواقعية السحرية والكتاب في لبنان، مثل نجوى بركات، ربيع جابر، الياس خوري، وعبده خال في الخليج العربي. وقال إننا أصبحنا في الخليج نتحرر من قضايا النفط... وتطرق لما قالته الكاتبة نجوى بركات حيث تفاجأت في «المحترف» من كمية التحرر من الكليشيهات لدى كتاب الخليج وجوائز البوكر تثبت ذلك.
وبدورها، أوضحت جليلة السيد فكرتها بالقول: «تأثرت في قراءتي بالكاتب يوسف السباعي والكتاب الكلاسيكيين، وأتأثر أكثر بالكلمة ورواية الحدث، الشارع الثقافي له حدّان في التأثير على الكتابة، حد إيجابي وحد سلبي، الحد الإيجابي هو كثرة الإصدارات التي تنم عن أقلام واعدة وموهبة لم تكن موجودة سابقا تبرز أقلامًا قوية، والحد السلبي أن كل من هب ودب يحاول ملء الكأس»!
جعفر: البطل يشبهني
واتفق عبدعلي مع ما ذهب إليه زميله جعفر، قائلاً «إن هذا زمن الرواية، والرواية من الأنساق النادرة، المسرح وصل كاملاً، والشعر وصل كاملاً، أما الرواية فهي لا تزال في طور التجريب. نحن نتاج تراكم من التأثرات حتى في التجارب السيئة. ولا يمكن عزل المسرح عن الرواية، وخصوصاً مع تداخل الأجناس الفنية، وحاولت ان أعزز المسرح والسينما والصورة الفوتوغرافية وهذا جزء من نص متاهة زهرة».
وطرح المحاور درويش سؤالًا حول طبيعة الكتابة باعتبارها فضحًا وتعرية للذات... ليجيب جعفر بالقول: «إن الكاتب يتماهى مع شخصياته، وقد اتخذت من كتابة الراوي البطل وسيلة لإيصال أفكاري، فكيف تتعاطف معها وتغضب منها؟ ربما يتسلل الكثير من ذاتي ولكن لا أتقصد ذلك، أحب أن تكون لشخصياتي حريتها، ففي (مداد الروح) كتبت قصتي عن مدرس خط، وربما كان البطل يشبهني ولكن لم أتقصد ذلك. جدلية الذات الفعلية والمتخيلة ستبقى دائمًا قائمة».