علي الستراوي: قد أكون قاسيًا على قصيدتي العامية مقابل قصيدتي الفصحى!

مع الشاعر والإعلامي البحريني علي الستراوي الذي حاورنا، فكان متعاونًا بروح بسيطة غلبت عليها روح الحديث الفاعل في مجالات الأدب، ورحابة الشعر، ليطلعنا على تجربته في كتابة القصيدة بشقيها العامي والفصيح، ويحدثنا عن تجربة عمله في الصحف البحرينية، ويسرد لنا حكايته مع البدايات، وتلك الأمنيات التي يتمناها.



* علي الستراوي يُعد ضمن الجيل الرابع لشعراء البحرين المعاصرين.. فمن أين نبدأ في قراءة التجربة لديك؟ 

أعتقد أن أي تجربة كانت لابد لها من انطلاقة أولى ترتبط بصاحبها أكان هذا في الأدب أو في أي مجال حياتي آخر. وبالنسبة لي كانت القصيدة العامية أول تعلقي بالشعر عن طريق تغيير الكلمات المغناة إلى منلوج ضاحك، وكانت الكتابة بالشعر العامي هي أول تلك الخطوات التي قادتني نحو كتابة الشعر.

* هل لنا أن نقول إنك تعرفت على الشعر من بوابة التراث؟ وهل طبعت لك ديوانًا بالشعر العامي؟

لا أخفيك سرًا أن ما كتبته في الشعر العامي ظل حبيس الأدراج رغم أني جمعت ما كتبته مؤرخًا بالسنوات 1972-2001، وهي آخر مجموعة كتبتها تحت عنوان «سُفن عبدالله»؛ لأني لم انقطع عن كتابة القصيدة العامية بجانب كتابتي للشعر الفصيح.

* لماذا كل هذا التأخير في جمع شعرك العامي؟ 

قد أكون قاسيًا على قصيدتي العامية مقابل قصيدتي الفصحى، لاعتقادي بأهمية اللغة العربية في الشعر، وأن أي قصيدة لاتكتب بالفصحى قصيدة قزمة أمام القصيدة العربية. ولا أظن أن هذا الإيمان منصفا لي ولا يمكن أن أخرج من ورطة الكتابة للشعر العامي؛ لأنه يلاحقني كظلي.

* في أي مرحلة عمرية تعرفت على القصيدة العامية وكتبتها؟ 

منذ العاشرة تعلقت بهذه القصيدة، ومن خلال ما كانت تحفظني إياه والدتي رحمها الله، والتي تحفظ بعض ما حظته من تراث كتب بالشعر العامي، وذلك منذ العام 1971م ولهذا اليوم لم أهجر الشعر العامي كتابةً، رغم أن كل إصداراتي جاءت بالفصحى. 

* متى بدأت كتابة القصيدة الفصحى؟

بدأت منذ العام 1980. كانت أول تجاربي في مجال كتابة القصيدة الفصحى. وكانت البداية مع قراءة تنوع مدارس الشعر في الأدب، حيث بدأت أكتب قصيدة البحر الواحد ثم قصيدة التفعيلة وقصيدة الشعر الحر، ومع تقدم التجربة وقفت خطواتي مع قصيدة النثر التي رأيت فيها نفسي أكثر حرية ولكني لم انقطع عن كتابة شعر التفعيلة؛ أكتبه ولا أُعنى بنشره.

* لنبتعد قليلاً عن الشعر ونتحدث عن تجربتك في الإعلام؟ 

تجربتي في سلك الصحافة والإعلام كانت بالنسبة لي حلم، بدأت بكتابة بعض المقالات مع بعض الجرائد محليًا وخليجيًا وبتشجيع بعض المحبين من الكتاب والإعلاميين على الانخراط في مجال الكاتبة الإعلامية، فكتبت بدايةً في جريدة الخليج الإماراتية، والراية القطرية، ومجلة بانوراما الخليج، ومجلة هنا البحرين والجرائد الأخرى محليًا وخليجيًا، وعندما بدأت العمل مع جريدة الأيام في السنوات الاولى من التأسيس، بدأ مشواري الإعلامي، إذ عملت 12 عامًا في المجال الثقافي وفي مجالات أخرى بينها التحقيق الصحفي، وقد كان لي شرف تأسيس صفحة للمواهب تحت عنوان (واعدون)، ومن خلالها ولدت أكثر الولادات الأدبية.

كما عملت بجريدة الميثاق وكنت أول رئيس للقسم الثقافي بالجريدة. ثم انتقلت لجريدة الوطن وعملت لستة أعوام كصحفي في القسم الثقافي. وأخيرًا بعد مشوار في هذا المجال الإعلامي تعاونت ولازلت أتعاون مع جريدة أخبار الخليج، رئيسًا للقسم الثقافي ومشرفًا على الملحق الثقافي. 

* ما هي الطقوس التي تسبق كتابتك للشعر؟ 

سؤال جميل، رغم تكراره، إلا أنك ربطته بالطقوس، فالطقوس حالة تنطوي تحت ملكة الإلهام وهي بما تشبه الولادة عند المرأة ضمن معاناة يعيشها الشاعر، وعندما تنضج تخرج بدمها ساخنة دون انقطاع السرة أو ما يسمى المشيمة، يتركها الشاعر بدمها ثم يعود لها ليمسح عن جسدها (أي: القصيدة) ما يجعلها ولادة ناضجة. 

* كشاعر.. كيف تنظر للناقد؟ 

يوجد ناقد متخصص وناقد قارئ مجتهد، والأخير تقدم بعد انحسار أو انقطاع الناقد المتخصص في التجارب التي واكبت بواكير ولادة القصيدة الحديثة كعلوي الهاشمي للشعر، والمرحوم عبدالله غلوم في السرد والمسرح، واكتفائهما بجيل السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ثم برزت بعض الوجوه الأكاديمية في النقد كضياء عبد الله الكعبي، وأحمد المناعي، وفهد حسين، ونادر كاظم، إلا أن هذا التوجه قليل ما نحى نقد الأدب المحلي، وغاب عن الساحة الثقافية الأدبية الناقد المجتهد مما جعل من الناقد الحالي عبر طريقته للنقد غير مواكبة للناتج الثري محليًا.

من هذا البعد أصبح المنتج الأدبي مظلومًا من قبل الناقد المتخصص، تاركًا الحبل على الغارب لمن هم مجتهدون دون أن يحسب على النقاد.

* اختلف نقاد الشعر فيما بينهم، بعضهم أخرج قصيدة النثر من كونها شعرًا.. فكيف ترى هذا الاختلاف؟ 

الاختلاف ليس وليد اليوم، فهو ظاهرة تاريخية، والحراك الفكري لهذا الاختلاف لايفسد للود قضية، والتاريخ ليس مرتبطًا بحركة واحدة، ولكن حتى لا نظلم قصيدة النثر لنا أن نقرأ التاريخ بتمعن وفكر واعٍ، وأن تكون رؤيتنا شاملة لحراك نهضوي ثقافي وأدبي غير جامد، ينصف قصيدة النثر.

* هل تؤمن بأدب نسائي وأدب رجالي؟ 

لا، تصنيف الأدب بهذا الشكل تخلف لا يعطي قيمة للفاعل من هذا التصنيف الفج، الأدب أكبر من ذلك، وكل أدب هو نتاج حالة تعكس معاناة كاتبه.

* الترجمة للشعر.. هل أضعفته؟

لا أعتقد ذلك، لأن الترجمة الصحية أضافت الكثير للنص الأصلي وأعطته قدرة أكبر مما هو عليه.

* هل ما زال الشعر سفير العرب، أم انحسر تأثيره أمام حداثة الحاسوب ووسائل التواصل؟ 

جماليات الشعر وتأثيره باقية حتى قيام الساعة ولا يمكن أن تقوم وسائل التواصل مقام جلالة الشعر. 

* آخر ما يتمنى علي الستراوي إنجازه؟ 

أتمنى أن أنجز طباعة أعمالي الشعرية العامية الحبيسة في الأدراج، وأن أنجز طباعة كتاب «حوارات في الأدب والإعلام» وهو كتاب عملت عليه لسنوات وهو الآن في مرحلة الإخراج وبعض أعمالي الأخرى المتناثرة في انشغالات الأدب.

جريدة الأيام البحرينية


شعار الخمسينيات

إصدارات الأسرة