قراءة في رواية جدار الملح للروائي جعفر الهدي.

    يشكل الجدار ثيمة ترميزية تتحرك باتجاهات تأويلية متخالفة متآلفة توقد تارة الذاكرة الجمعية لطفولة الذهن البشري التي جعلت من  جدران الكهوف سجلا  لليومي المعاش بمباهجه ومخاوفه وتارة أخرى الذاكرة  الاسطورية  المقترنة بنمطين من الجدران : فالأول قرين  الحقيقة المطلقة  حين كانت زوجة أوتنابشتم  تعلّم عليه  عدد الأيام بعد أن تخبز الرغيف لتضعه يوميا عند رأس جلجامش الغارق في نومه  ليواجهه  اتونابشتم بفشله في الصبر على اقتناص حلمه، و الجدار الآخر قرين الأمان والحصانة إذ يرد  على لسان جلجامش  بعد أن يتأكد من فشله في الحصول على عشبة لمون  مخاطبا : ((أورشنابي الملاح: أي أورشنابي! اصعد سور أوروك، تمشَّ عليه، تفحص قواعده وانظر إلى لبناته أَوَ لم تُصْنَع من آجر مفخور؟)) 

    كل هذه الأفكار وسواها قفزت الى ذهني وانا اتأمل عنونة رواية (جدار الملح) للروائي جعفر الهدي  الصادرة عام 2021 التي جاءت في 221 صفحة وتشذرت  فضاءاتها السردية إلى  سبع شذرات هي ( من منزل الجد إلى فضاء القرية ) و(أخطار تهدد القرية)و(الوجه الملائكي) و( ضجر القرية) و(أيام الجامعة) و( ما بعد التخرج) و( نصر الإرادة) ، فالعنونة تواجهك بالجدار الا انه جدار مغاير لا يشبه حصانة جدران جلجامش المنيعة ، فهو جدار واه لا يلبث ان يتقهقر امام طوفان الماء  زد على ذلك لونه المستجلب من بياض الملح  قرين الكفن والوجع وطعمه  قرين الزاد وذاكرته الراسخة بالجدب والاقفرار ( السبخ) ولا تتوقف تحولات الجدار عند  العنونة بل تتوغل  الى نسيج الرواية  اذ لا  يكون الجدار  عتبة مكانية فحسب وانما  يتحول الى عتبة نفسية وزمنية وحاضنة للحوار بنمطيه الخارجي والداخلي و مرايا تعكس تنامي الأحداث والشخصيات.

ويمهر  الروائي جعفر الهدي  في ان يجعل من  جدار الملح خزينا معرفيا يقترب من تقنية المذكرات واليوميات التي تنفلت من اسار الأزمنة والامكنة ، تأمل مثلا المشهد السردي التالي المنعكس على وعي الشخصية الرئيسية (علي) حيث تحول الجدار على مساحة للبوح والمناجاة  :

(فرحة التخرج انسته الكثير من الجراح ، لكنه لن ينسى ان يطل على جدار الملح الذي كتب فبه ذكرياته رغم انه قد اصبح له غرفته الصغيرة ، فقد بناها من المال الذي يتسلمه من الجامعة وبمساعدة ابيه ، كان يسرق بعض الوقت ليقرأ في سجل ذكريات ايامه التي خلت حيث كان يناجي القمر وقطة تموء في الجوار، ص 160 )  من الواضح  ان  المتخيل الروائي جعل من جدار  الملح  سجلا  ينتقل بالسارد  من اللحظة الراهنة الى الزمن المنصرم حيث تتشكل تحت ظلاله الاحداث  والشخصيات التي تحركت على مسرح النص . ويضيء جدار الملح  قصدية واعية للانفلات من اقفاص الزمن فيتحرك تارة باتجاه الحاضر وتارة باتجاه الماضي وتارة باتجاه المستقبل ، تأمل المشهد التالي ولاحظ كيف اصبح الجدار معبرا للحلم :

( عليّ ان اعود الى جدار الملح لأغير تلك الرموز التي رسمتها عليه ، لكن ليس الان ، علي ان انهي جامعتي ، انا في البداية ، جدران الملح لن تذهب الى أي مكان ، فهي صامدة هناك ومذكراتي ومذكرات اخوتي ستبقى محفورة في ذاكرة هذه الجدران ، يوما ما سأهدّ ذلك الجدار : لعلني اجد تحته كنزا مدفونا ، لا بد ان الكنز موجود لكن اين هو ؟  ص120 )  من الواضح أن وعي الشخصية الرئيسية (علي) ينتقل من اللحظة الراهنة الى رحم المستقبل ( عليّ ان اعود الى جدار الملح) وهي عودة تشبه الدخول إلى كهف الذات بجدرانها التي رصفت عليها تفاصيل المعاناة والمكابدة ، بل إن التنامي النفسي للشخصية يصل ذروته حين يحلم بـيوم (ما سأهدّ ذلك الجدار) لتكريس الرغبة في الانفلات من قبضته والتخلص من ذاكرته المثقلة بالوجع،  ويضيء ( الكنز المدفون تحت الجدار) البعد الفلكلوري  الذي ظلله تساؤل (علي ) الحائر المكتنز بالسخرية المريرة (لا بد ان الكنز موجود لكن اين هو ؟) لتتأكد سلطة هذا الجدار على تكثيف العتمة على اللحظة المائلة.

  وقد يكون الجدار عتبة للحلم ولفراديسه  التي تكثف حركة الشخصيات وحوارتهم المسموعة والمهموسة  في  المشهد التالي ولاحظ كيف شكل الفعل ( يغفو) بوابة للانفلات من الواقع:  

(يغفو على سريره المريح وهو يلامس بذكرياته جدار الملح الذي ينتظره، ثم يغط في نوم عميق. في الاساس الجدار بدا يمتلئ بالرموز التي لا يفهمها الا هو، رموز تختصر الزمن وكل ما يمر به. ص60 )  

من الواضح ان المتخيل السردي استبطن الاغتراب  المكاني للشخصية الرئيسية  التي وجدت في الجدار المؤنسن  بدلا عن عدائية الزمن حين يكون الرفيق ( الذي ينتظره ) والمحاور الذي يفهمه  (يمتلئ بالرموز التي لا يفهمها الا هو) لتتكشف ملامح  المكان الحميم  المغلق الذي يهب (علي) الإحساس المطلق بالأمان والاستقرار( سريره المريح +  يغط في نوم عميق) 

وينجح المتخيل السردي في أن يشكل جدار نفسيا  بين الشخصية الرئيسية ( علي ) وجدار الملح  حين يشهد موت الحلم ، تأمل المشهد الروائي التالي منعكسا على وعي السارد : 

 (لم تتح له فرصة كبيرة للبقاء في قريته ، ربما كان ذلك بداية الهروب من تلك القرية ، يحاول ان يستدعي ذلك الشعور بالندى ولطافة الفجر لكن دون جدوى، كل شيء يجعله أكثر كآبة وحزنا حتى انه لم يتذكر ان يعود الى جدار الملح العتيق في غرفته واخوته ، يدعي الابتسامة لكنها ابتسامة زائفة ، حتى عندما ذهب لذلك الشق الذي تنسل من خلفه زينب فوجده باهتا مكفهرا، شعر بانه حزين فلم يستطع الجلوس طويلا ، ص 148) 

 من الواضح ان المشهد برمته يعكس الصراع النفسي لشخصية (علي ) التي جعلته ينفصل عن واقعه وعن  حلمه ( زينب)  حين اعلن صراحة (الشق الذي تنسل من خلفه زينب فوجده باهتا مكفهرا)  لينم عن انفصاله الحاد عن  ماضيه المتمثل بجدار الملح ( لم يتذكر ان يعود الى جدار الملح العتيق في غرفته واخوته)  وعن امكنته ( حاول ان يستدعي ذلك الشعور بالندى ولطافة الفجر لكن دون جدوى)  وانعطافة واضحة في تركيبته النفسية الجديدة ( يدعي الابتسامة لكنها ابتسامة زائفة) التي سلبته ماضيه وامكنته الحميمة واحلامه.

ويستدعي  المتخيل السردي  الأفق الفلكلوري ليتربع عرش الجدار ، تأمل المشهد التالي منعكسا على وعي السارد: 

( يذهب للنوم مع اخوته ، لكن تلك المرأة لم تكن تعلم ان عليا ادمن على سماع رواياتها الخرافية التي تنسجها ، اصبح يعشق تلك الروايات فقد صارت تغذي مخيلته. يتذكر جيدا قصة الجني الرجل ( السويكن) هكذا تسميه ، لأن أظافر يديه عبارة عن سكاكين حادة . وهو يلبس قبعة سحرية يسيطر عليه من يتمكن من اخذها خلسة ، ولا احد يتمكن من اخذها عنوة  ، ذلك الجني ليس شريرا كما تقول ، لكنه مخيف للاطفال فنظراته حادة ، يمكن ان يغضب على الطفل الذي لا يطيع امه ، هو اليف لذلك عادة ما يطيب له الجلوس على الجدار اذا تأخر الليل ، لقد اصبح يتخيل الجني الهادىء وهو يجلس على جدار المنزل كل يوم تخاطب زوجة عمه:

-       انظر علي، انظر الى الجدار، ها هو حضر ليجلس فوقه انه ليس مؤدبا الا اذا غضب

-       اين هو ؟

-       انه جالس على الجدار في الزاوية المظلمة تماما في العتمة هناك، انه يكور جسده.

-       لقد رايته بالفعل .

ينسحب الى الجوار حيث غرفته مع اخوته ، يتدثر وهو يرسم صورة الجني الطيب ،  ص ٧٠ - ص ٧١ )

من الواضح ان شخصية (السويكن) هي الوحيدة القادرة على تسلق عرش الجدار (عادة ما يطيب له الجلوس على الجدار اذا تأخر الليل) ،هي شخصية خرافية تحمل في طياتها المتضادات المتآلفة ( هو أليف / اظافر يديه عبارة عن سكاكين حادة) وهي قرينة الليل (جالس على الجدار في الزاوية المظلمة تماما في العتمة هناك) ،اضف الى ذلك فان المتخيل السردي  نجح في ان يستبطن شخصية الطفل (علي) حين تلتبس عليه الرؤية فيبصر عيانا (الجني الطيب) حين يصرح ( لقد رايته بالفعل) متربعا عرش الجدار.

  وقد يجعل  المتخيل السردي  من الجدار قرينا للمعتقد الشعبي والحكايات الليلية لنساء القرية ، تأمل المشهد التالي: 

( لجلسة النساء تلك طعم آخر ، تحضر الملائكة والشياطين وتجلس على الجدار ، تطل على النسوة كما تقول زوجة عمه . تلك المرأة الشديدة التي كانت تتقن فن رواية القصص الخرافية ، كانت كلما أظلم الليل على الجلسات تبرعت بسرد رواية عن الجن ليفزع علي .  ص ٦٩) 

من الواضح  ان (الملائكة والشياطين) هي القرين الدلالي لحكايات (تلك المرأة الشديدة التي كانت تتقن فن رواية القصص الخرافية) التي تتفاوت بين اقصى البراءة الى النقيض منها ، الا ان تلك الحكايات هي الوحيدة التي تتربع على عرش الجدار (تجلس على الجدار) الذي ظللته العتمة (كلما أظلم الليل)  ، اضف الى ذلك ان الجدار شكل شاهدا على حوارات مهموسة ومجهورة  للشخصيات التي تحركت على مسرح النص ( النسوة + المرأة الشديدة)  فضلا عن استبطان الملامح النفسية لطفولة الشخصية الرئيسية  (علي ).

وقد يجعل المتخيل السردي من جدار الملح صندوق حكايات ، تأمل المشهد السردي التالي : 

(فقد اعتاد ان يرسم بأصابعه حروفا لم يكن يعرف معناها، نحت وجوها واشكالا في الملح العالق بالجدار ، كان يسامر كل ليلة ذلك الجدار وكأنه صحيفة يومية ، وكان يضيف له الكثير من الآراء والموضوعات الجديدة كل ليلة ، خصص واحدا من اقلامه القديمة للكتابة على الجدار، كان يكتب بحروف مختصرة، يحفر في الملح العالق بالجدار كالجليد ، لم يلتفت اخوته لما يفعل ، ولم يكن هو من الاساس يشعر بان ذلك الجدار سيكون له قصة طويلة . مشهد صحيفة جدرانه ممتد بامتداد مشاهد كل يوم الفها الصبي، يبدا في الصباح عندما يتصفح صورة عمه ذي الملامح الحازمة وهو يمشي في عتمة ما قبل الفجر قبل ان يختفي، لم يكن يعرف الصبي اين يذهب ، كان يطلق لخياله العنان دون ان يجرؤ على سؤال عمه ... ص53 )  من الواضح ان جدار الملح قد جعلك إزاء حكاء من نمط مغاير فهو يخط على بياض الملح حكاياته التي تفتح نوافذ التلقي على شخصيات جديدة واحداث جديدة لا ترتبط بالمتن الروائي لكنها تستبطن الشخصية الرئيسية ( عليّ / الحكاء)  وتستكشف طبيعة امكنته وازمنته ومثل هذا الوعي الحكائي يهيمن على المشهد الروائي التالي  الذي يستل حدثا فجائعيا من عمق الذاكرة ليعيد صياغته بوعي اللحظة الراهنة :

(هنا سجلت بعض الذكريات عن حريق بيت حاج احمد حريق اتى على كل شيء حيث لا شيء في الاساس سوى سعف النخيل الذي يستر تلك العائلة من عيون اهل القرية وبعض القدور السوداء ، هناك سجل في صحيفة الجدار ما ال اليه ( السريدان) ذلك الشيء السحري الذي تبخ فيه زوجة الحاج احمد ، انه بمصطلح الشقة التي يسكن فيها اليوم الفرن الذي يتوزع هو وزملاؤه في جدول لطبخ الشاي لما بعد الاكل وايام العطل ، لقد احترق سريدان زوجة الحاج احمد ، يا للخسارة ، وما هو الا وعاء دهن كبير تم ثقبه ليتشكل بقدرة اهل القرية فرنا للطبخ ، يا للمساكين ، انهم هناك يبكون السريدان وسعف النخيل الذي تحول لرماد ، ربما يبكون ما فعلته النار بذلك الجدار الساتر الذي كان يستر العائلة او ربما يبكون شيئا اخفاه الحاج احمد وراء ذلك السعف ايمكن ان تكون الثروة مخبأة والا لماذا البكاء والعويل ؟  ص ١١١ ) 

من اللافت ان المشهد ضجّ بتفاصيل الحدث وحركة  الشخصيات على مسرح الحدث فثمة زوجة الحاج احمد واهل القرية  وعلي زملاؤه ، وثمة عناقيد الاحداث  التي تمحورت حول الشيء السحري العجيب ( السريدان) وثمة زمنان : الأول : زمن الحدث والأخر اللحظة الراهنة التي تنعكس على وعي الحكاء (انه بمصطلح الشقة التي يسكن فيها اليوم الفرن الذي يتوزع هو وزملاؤه) وثمة الكوميديا السوداء التي انبثقت من التساؤلات الحائرة : (ربما يبكون شيئا اخفاه الحاج احمد وراء ذلك السعف ايمكن ان تكون الثروة مخبأة والا لماذا البكاء والعويل ؟) اضف الى ذلك ان المشهد السردي يضعك ازاء جدار جديد هو جدار سعف النخيل (الجدار الساتر الذي كان يستر العائلة ) 

وقد يخلق المتخيل السردي من  حوار الشخصية الرئيسية (علي) مع  جدار الملح  ثيمة  مجازية تستدعي الذاكرة الاسطورية  التي تسلل منها صوت انكيدو وهو يحاور الباب ( أيها الباب لو كنت أعلم ان هذا ما سيحل بي وان حملك سيجلب لي المصائب اذن لرفعت فأسي وحطمتك )، تأمل مثلا المشهد التالي ولاحظ كيف خطف المتخيل السردي الحوار المجازي مع جدار الملح افق التلقي باتجاه تأويلي مغاير :

(عندما عاد لغرفته احب ان يختلي بنفسه، لعله اراد ان ينسي ما حدث ،...، قال في نفسه : اه ... يا جدار الملح الذي طالما ناجيته! كتبت الكثير من صفحاتك ، هي صفحة واحدة لكنها تضم الكثير من الصفحات ، اشعر انها صفحات مطرزة بلون الملح المشع ملمسه لا يزال يداعب قلمي ، لم يبق منه إلا جزء صغير لشدة ما حككته بذلك الجدار الذي خططت فيه الكثير مما خبأت في أعماقي ، اه يا جدار الملح سأعود إليك يوما لأقرأ ما كتبت، ليتني ربطت ما اكتب بتواريخ ايامي ، يوم شاهدت السيد الصغير زميلي في الفصل بثوبه الممزق المرقع ، يوم ضرب جاري الضخم جارنا الحاج ناصر، اول يوم لمحت فيه الوجه الملائكي ، انها زينب ، أول وجه أراه بوضوح كما القمر ، انها نورة ، صحيفة أيامي التي أتمنى أن تصمد أمام الزمن والمطر الذي يتسلل في الشتاء حيث اكتب ، كأنه يرغب في اخفائه ، لا شك أنه صامد كما عهدته. تخيل انه امام ذلك الجدار الخرافي المطرز بملح الأرض ، حروف هنا وحروف هناك . مرة اخرى تأوه وهو يرى الجدار أمامه ، اه يا جدار الملح ، ياسجل ذكرياتي المؤلمة ، يتذكر كل شيء بمجرد أن يتصفح الرموز التي خططتها على ذلك الجدار ، ص ١١٠) 

 من الواضح ان  هذا الجدار العجائبي  يحيل الى رغبة ( علي ) في الانغلاق على الذات  والاكتفاء بجدار الملح الذي بدا مرايا صقيلة تضج بتنامي الاحداث وتفاعل الشخصيات معها كما تنم عن تفاصيل الصراع النفسي الذي يعيشه (علي) بين عشقه لـ(زينب /الحلم ) وبين ولعه بنورة التي بدت عبر الرواية جدارا عصيا يفصل بين (علي) وما يصبو إليه . زد على  ذلك أن هذا الجدار بمسكوتاته الدلالية كان العتبة الترميزية التي تعيد التوازن النفسي للشخصية الرئيسية ( علي) حين تلوذ به  كلما عصفت به الأحداث. 


خلاصة القول، فان رواية جدار الملح قد جعلت من الجدار عتبة روائية تتداخل فيها الأزمنة والامكنة وتتمرآى عليها الشخصيات والاحداث كما انها تماهت مع الحلم واجوائه فكسرت القالب المألوف للواقع ، كما انها نهلت من الأفق الأسطوري والفلكلوري بشكل جعل الرواية تنفتح على تأويلات متباينة.

الدكتورة وجدان الصائغ

شعار الخمسينيات

إصدارات الأسرة