سينوغرافيا العشق: الرومي مُلهم المحبة والتسامح والسلام.

الشعور بالقاعة هذه المرة مختلف. تدخلها فتشعر بالتجلي. تسبقك الألوان، والشموع التي وزعت بذكاء، والإضاءة وبعض اللمسات هنا وهناك. كان ذلك في أمسية «سينوغرافيا العشق» التي أقامتها أسرة الأدباء والكتّاب بالتعاون مع مركز عيسى الثقافي تحت رعاية رئيس مجلس الشورى علي صالح الصالح يوم الأحد الماضي (9 إبريل/ نيسان 2017).

اللون والتشكيل والخط، يمتزجون في لوحات فنية عُرِضَت في بهو الدور الأرضي بقاعة مركز عيسى الثقافي، حيث كان للفنانين وداد البكر، سيما باقي، علي البزاز، هناء بوحجّي، صفاء عبدالله وبانة باقي، لمساتهم التي تعكس تجلّي أرواحهم وهم يبدعونها. تمرّ بها كما يمر درويش بنبضه، فتشعر وكأنك ترقص معها رقصة العشق؛ إذ تدور بقلبك كل تلك القصائد والنصوص الصوفية التي عرفتها وحفظتها.

وعلى رغم اختلاف طريقة رسم كل فنان باختلاف مدرسته، إلا أنهم استطاعوا أن يخلقوا لوحة واحدة عنوانها تجليات جلال الدين الرومي، لتكون شاهدة على هذه الفعالية التي أطلّت بها أسرة الأدباء والكتاب بشكل مختلف ومتميز هذه المرة؛ وخصوصاً مع طرح موضوع جديد والاستعانة بوجوه جديدة كان أهمها الكاتب والباحث إبراهيم بشمي الذي سرد تجليات الرومي كما رآها.

بعد أن تكتنز عيناك بالألوان المعروضة في البهو الأرضي، تنتقل إلى بهو الطابق الأول، لتجد الشموع بانتظارك. برائحتها المميزة، ونورها الذي يضفي لمسة من الرومنسية التي تحيلك إلى روحك ونبضك. طريقة صف المقاعد في حلقات تشعرك وكأنك في حلقة صوفية، ستتجلى بانطلاق بدايتها، لتدخل عالماً من الموسيقى واللحن والكلمة العذبة.

بدأت الأمسية بصوت إبراهيم بشمي، الذي تلا مقتطفات من سيرة جلال الدين الرومي، أكد من خلالها أهمية دراسة هذا المتصوف الجليل من خلال دراسة ما أنتجه من شعر وتجليات وما ذكر عنه من أخبار ومواقف، وإن دلّت على شيء فهي تدل على تسامحه ومحبته لكل ما حوله إذ ذكر قول الرومي: «مسلمٌ أنا، ولكنني نصرانيّ وبرهميّ وزرادشتي، توكلتُ عليك أيها الحق الأعلى، فلا تنأ عني، ليس لي سوى معبد واحد، أو مسجد، أو كنيسة أو بيت أصنام، ووجهك الكريم منه غاية نعمتي».

وأكد بشمي أن الباحثين من الشرق والغرب أجمعوا على أن الرومي أعظم شعراء الصوفية بلا منازع، بل إنه واحد من شعراء الإنسانية المعدودين ويعتبر أغزر شاعر في تاريخ البشرية إذ ألّف قرابة 90 ألف بيت من الشعر.

وهكذا تداخلت أجزاء من سيرة الرومي وإبداعه برواية وصوت إبراهيم بشمي، مع نغمات الموسيقى والإنشاد من خلال عازف الجيتار أحمد النعيمي، وعازف الكولة خالد كوله وبصوت الدكتور براء عقدة ومريم رفيعي في الغناء والإنشاد.

الفقرات الموسيقية كانت مختلفة، قدمت شكلاً غير تقليدي للموسيقى الصوفية برؤية جديدة، والغناء كان هادئاً استطاع من خلاله المنشد براء عقدة أن يجسّد كلمات الرومي باختيارات متميزة في هذه الحلقة المستديرة، إضافة إلى صوت مريم رفيعي المنحاز للجمال برقة آهاته وبديع همساته.

ولأنها حلقة صوفية، كان لابد وأن تكتمل برقصة المولوي، حيث أدّت الفنانة صفاء عبدالله رقصتها الدائرية التي كان يرقصها الرومي ليتّحد مع الكون وتوصله إلى الصادق من العشق.

يقول رئيس أسرة الأدباء والكتّاب إبراهيم بوهندي: بهذه الفعالية أردنا أن نؤكد القيم والمبادئ التي تحلّى بها الرومي وأبدعها؛ وخصوصاً مع ما يعيشه العالم أجمع اليوم؛ فالتسامح والمحبة هما أساس كل خير في هذا الكون، والسلام الذي كان الرومي ينشده من خلال محبته الخالصة وعشقه لله ولما حوله، هو ما نحن في أمسّ الحاجة إليه اليوم. وكم نتمنى أن نجد في زماننا هذا رجالَ دين يسعون إلى نفس ما سعى إليه الرومي من قيم ويعززونها لدى الأجيال الجديدة ولدى مريديهم تحديداً.

أما الأمين العام لأسرة الأدباء والكتّاب فهد حسين فقد قال، إننا أردنا أن نقدّم شيئاً مختلفاً ومميّزا من خلال هذه الفعالية، وأن نشرك أصواتاً ودماء جديدة في المشهد الثقافي المحلي من خلال فعاليات أسرة الأدباء الكتّاب التي تقدّم فعاليات مختلفة متنوعة، إلى جانب برنامجها الأسبوعي الذي لم يتوقف منذ مدة، وهناك جديد آخر قادم دائماً.

سوسن دهنيم.


شعار الخمسينيات

إصدارات الأسرة