إيهاب الملّاح في إسرة الأدباء والكتّاب

بمناسبة مرور نصف قرن على رحيل عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، نظمت "أُسرة الأدباء والكتّاب" البحرينية في مقرها بمنطقة الزنج في العاصمة المنامة أُمسية ثقافية في السادس عشر من يوليو الماضي 2023 تحت عنوان " على ضفاف العميد.. 50 عاماً بعد طه حُسين" والتي  استضافت فيها عبر الشاشة من القاهرة مباشرة الباحث والكاتب الصحافي المصري الأستاذ إيهاب الملّاح، وهو من مواليد 1977، ومن خريجي كلية آداب القاهرة، لغة عربية 2001، وقد حاز كتابه " طه حسين .. تجديد ذكرى عميد الأدب العربي" الصادر عن دار الرواق للنشر القاهرية، على جائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب لعام 2022، عن فرع الدراسات الإنسانية. ومن الواضح أن المؤلف استمد عنوان كتابه من عنوان رسالة العميد لنيل الدكتوراه من الجامعة المصرية والتي كان عنوانها " تجديد ذكرى أبي العلاء المعري". وتميّز العرض الذي قدمه الملاّح عن سيرة طه حُسين في الأُمسية، تحت إدارة عضو الأسرة الأُستاذ كريم رضي، بالكثافة والتركيز والابتعاد عن السرد التقليدي الاعتيادي المألوف، إذ سلّط الضوء  على شخصية حسين الفكرية ودوره المحوري في الثقافتين المصرية والعربية، لا بصفته كعميد للأدب العربي فحسب، بل وصاحب دور ريادي إصلاحي وتجديدي في مختلف حقول الثقافة والفكر والمعرفة، بما في ذلك التربية والتعليم، وتطوير التفكير النقدي، والدراسات التحليلية التاريخية، وكذلك تحقيق التراث برؤية معاصرة، كما تعرّض المحاضر بشكل عابر للظروف المعيشية القاسية التي واجهها طه حسين أثناء دراسته في الأزهر، ثم ما تعرض له أيضاً من تحديات جمة؛ جراء انتقاده  لتقادم أساليب الدراسة التلقينية فيه، ودعواته للإصلاح والتجديد في هذه المؤسسة الدينية العريقة. 

كما تطرق المحاضر إلى كتابه المشار إليه، وأوضح بأنه حاول أن ينتهج فيه نهجاً يقدم فيه مفاتيح لفهم عالم طه حسين للأجيال الجديدة الذي تقرأ أو تسمع عنه كأديب كبير، دون أن تعرف ما أحدثه من أثر كبير في الفكر والثقافة العربية، وهذا ما أوضحه تفصيلًا في حوار الإعلامي إبراهيم عيسى معه المخصص حول الكتاب نفسه، إذ بيّن الملّاح بأنه كان يعمل منذ عشر سنوات على أن يكتب سنوياً في ذكرى وفاة وميلاد العميد المتقاربتين بين أواخر أكتوبر( ذكرى وفاته) إلى منتصف نوفمبر ( ذكرى ميلاده) أن يكتب-وفق خطة منهجية- محورين أو ملفين غير المعروف والسائد عما كُتب عن العميد. وإذ سأله عيسى في نهاية الحوار  بإلحاح عن سر غياب العميد في السنوات العشر الأخيرة من حياته  عن الساحة الثقافية والسياسية، أجاب الملاّح بأنه أنشغل في هذه الفترة برئاسة المجمع اللغوي، فضلاً عن أستقباله طلابه ومريديه في بيته رامتان بالهرم، ولعل الملاّح فاته ذكر  الأسباب الذاتية المتمثلة في مرضه الصعب بعد إجراء  عملية له في العمود الفقري، فضلاً عن أسباب موضوعية أُخرى تطرقت  إليها سابقاً، تنحصر في اعتقادي في اختلاف المناخ  السياسي في عهد الثورة عن  المناخ الذي كان يكتب فيه العميد قبلها. 

وقد تميزت مداخلات الحضور بالثراء مما أثار ارتياح المحاضر الأستاذ الملاّح الذي أثنى عليها.  وفي المداخلة التي اجتهدت من جانبي في تقديمها، إذ أثنيت على عرض المحاضر المتميز، بيّنتُ دور العميد في حض تلميذته النجيبة الدكتورة سهير القلماوي على اختيار  كلية الآداب، قسم اللغة العربية، عوضاً عن رغبتها الجامحة التي لم تُوفق فيها لدراسة الطب إسوةً بأبيها الطبيب، وحيث كانت أول فتاة مصرية بعدئذ تتخرج في جامعة فؤاد الأول( القاهرة لاحقاً)، وإن كان -للأمانة- هو نوُه إلى هذه النقطة في حوارات إعلامية سابقة أُجريت معه . كما حرصتُ على التذكير بأن مرارة طه حسين من معاصريه من كتّاب وأدباء ونقّاد  تطاولوا على شخصه بدوافع الحسد والغيرة؛  لما بلغه من شأن كبير في التألق العلمي والفكري عجزوا عن مضاهاته، لا تقل عن مرارته من أساتذته الأزهريين التقليديين في أوائل القرن الفائت ، سيما وأنهم يرون أن من يتميز عليهم هو شخص ضرير مُعاق وليس سوياً مثلهم، لا بل لم يجدوا غضاضة في تعييره بعاهته. وهذا ما وافقني عليه الأُستاذ  المحاضر لاحقاً أثناء ردوده على المداخلات.


شعار الخمسينيات

إصدارات الأسرة